حدود وضوابط الكذب بين الزوجين



                           حدود وضوابط الكذب بين الزوجين :
حيّاكم الله معشر الأكارم النبلاء الطيّبين يا من سكنتم القلب على الدوام . .
 حديثنا اليوم حول موضوع " الكذب بين الزوجين حدوده و ضوابطه  "  :
  أوَّلاً  :الأصل في الكذب الحرمة كما هو معلوم :  
   وهو خصلة ذميمة من خصال المنافقين، وقد تظاهرت الآيات والأحاديث على تحريم الكذب بشكل عام : عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر "  رواه البخاري مسلم .
ثانيًا (الرد على من جعل الكذب على الزوجة منهج حياة):
   الأصل في الحياة الزوجية قيامُها على الصدق والثقة والمصارحة والشفافية،لا على الاستغفال والخداع والوهم والضبابية ////  وإذا كان المسلمُ نُهيَ عن الكذب على الصبي الصغير ولو للمصلحة فكيف بالكذب على الكبير ؟! :
   عن عبد الله بن عامر قال : دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت ها تعال أعطيك فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم:" وما أردت أن تعطيه؟"  قالت أعطيه تمرا فقال لها رسول الله  :"أما إنك لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة " ( الصحيحة:748).   
   ثالثًا : ما هي حقيقة هذا الموضوع ؟ :
   في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (2605)عن أم كلثوم رضي الله عنها قالت: "ما سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الرجل يقول القول يريد به الإصلاح (أي بين الناس)، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها ".
معنى كلمة " يُحدّثُ و تُحدّثُ " في هذا الحديث : ليست مُطلقة في جميع الأخبار والكلام وإنما المقصودُ بها معنًى خاصًّا وهو 
 الاسترضاءُ لاستدامة الصُّحبة وتحصيل الألفة = عندما يكونُ الصدقُ في القول مُفسدًا لذلك  (موازنة بين مفاسد) .
  ودليل ذلك ما روتهُ أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" لا يحل الكذب إلا في ثلاث يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب والكذب ليصلح بين الناس "(صحيح:سنن الترمذي 1939) .
   ويشهد له عن عطاء بن يسار قال جاء رجل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم  فقال : يا رسول الله هل علي جناح أن أكذب على أهلي ؟ قال  : " لا فلا يحب الله الكذب " . قال : يا رسول الله أستصلحها وأستطيب نفسها، قال :" لا جناح عليك "  ( وإسناده صحيح : الصحيحة 2/83 ) .
أمثلة مما يجوز فيه الكذب بين الزوجين أحدِهِما على الآخر :
وجود المحبة والرضا في القلب  :
   نحو الشخص و جماله ومنزلته وطعامه وسلوكه وما شابه (أمور العِشرة) :   ويُذكرُ في هذا حادثة ابن أبي عذرة الدؤلي مع امرأته حينما قال لها : أنشدك بالله هل تبغضينني ؟ قالت : لا تنشدني , قال : أنشدك بالله , قالت : نعم  " .. فانطلق حتى أتى عمر رضي الله عنه  فأخبره الخبر، فأرسل عمر إلى امرأته فجاءت هي وعمتها , فقال : " أنت التي تحدثين لزوجك أنك تبغضينه ؟  " فقالت:"إنه ناشدني بالله فتحرجت أن أكذب , أفأكذب يا أمير المؤمنين ؟ " قال:" نعم فاكذبي!فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك , فإن أقل البيوت التي يبنى على الحب". 
إخفاءُ ما تحصُلُ المفسدةُ بإظهاره :
كالمعاصي والأخطاء السالفة في حياة الزوجين فهذا من الأمور التي سترها اللهُ على العبد فليستتر بستر الله عليه (ثم إنَّ الصدقَ في هذا مفسدٌ للوُد )  :  عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن رجم الأسلمي قال :" اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها فمن أَلَمَّ فليستتر بستر الله  فإنه من يبد لنا صفحته نُقِم عليه كتاب الله "( الصحيحة :663).
أمثلة مما لا يجوز الكذب فيه بين الزوجين : [ هنا لا بد من المصارحة و الصدق و الشفافية و الحزم في رسم الحدود منذ البداية / عند الضرورة  : التورية لا الكذب ] :
  أين كنتَ أو أينَ كُنتِ ؟ مع من كُنت ؟  أينَ تغدَّيت ؟ من المُتَّصل ؟ ... فلا يجوزُ قيام العلاقة الزوجية في هذه الأمور على الكذب .. لا . .  : في حديث ابن مسعود قال صلى الله عليه وسلم :".. إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا " متفق عليه .
ملاحظة: هل يجوز الحَلِفُ عند كذب أحد الزوجين على الآخر فيما هو مُباح ؟ :
  جوزَ ذلك العلماء ،وأدرجوا ذلك تحت القاعدة :" يجوزُ تبعًا ملا يجوزُ استقلالاً "،منهم ابن باز [كما في " مسائل ابن باز للمبارك :سؤال 652] .  ومن العلماء من شرطَ عليه التأوُّل والتعريض في الكلام حتى يَحلِفَ على الصّدق(العثيمين : لقاء الباب المفتوح 2/93) . 
                 

        


هل أعجبك الموضوع ؟

هناك 4 تعليقات:

  1. اللهم اجعلنا من الصادقين وعافنا من الكذب ......ربي يصلح ازواج و زوجات المومنين ...شكر الله لكم و نفع بكم

    ردحذف
  2. يادكتور أضن أنه لا يخلو بيت من هذه الصفة إلا قليل من قليل من قليل لأنه قد يكون أحد الأطراف مهموما بهم ما فيسأل الطرف الأخر هل من مشكل فيجيبه بالنفي فيكزن قد كذب عليه لعدم وضعه في هم هو الأخر مثال بسيط
    عبد الرزاق

    ردحذف
  3. هذه تورية اذا لم أكن مخطئة اخي عبد الرزاق و ليس قصدا للكذب .... ربي يجعلنا من عباده الصالحين

    ردحذف
  4. بارك الله فيكما . نعم أخي عبد الرزاق البيوت للأسف قل من يسلم من هذا إلا من ينى أساساته على الوضوح و قضى على الضبابية من بداية التأسيس ، فإن كان ولا بد فليس المرمن بالكذاب أبدًا إنما كما قالت الأستاذة " التورية " تكفي ، والتورية معناها قصد شيء في النفس مع التعبير عن غيره في ظاهر الأمر . على كل حال ليس كالوضوح منذ التأسيس حلا لهذه القضية

    ردحذف

كافة الحقوق محفوظة 2015 © ملتقى النبلاء / المبرمج يوسف حجاب